ترجمة الإمام ابن الجزري
(751-833هـ) كما ترجم هو لنفسه في كتابه غاية النهاية في طبقات القراء
غاية النهاية في طبقات القراء هو مختصر كتاب طبقات القراء الكبير: نهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات.
محمد
بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري مؤلف هذا الكتاب، يكنى أبا الخير، ولد فيما حققه من لفظ والده في ليلة السبت الخامس
والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة داخل خط القصاعين بين السورين
بدمشق، وحفظ القرآن
سنة أربع وستين وصلى به سنة خمس وأجازه خال
جده محمد بن إسماعيل الخباز وسمع منه فيما أخبره والده ولم يقف على ذلك،
وسمع الحديث من جماعة من أصحاب الفخر بن البخاري وغيرهم.
وأفرد القراءات على الشيخ أبي محمد عبد الوهاب بن السلار والشيخ أحمد بن إبراهيم بن الطحان والشيخ أحمد بن رجب
في سنة ست وسبع وجمع للسبعة على الشيخ المجود
إبراهيم الحموي ثم جمع القراءات بمضمن كتب على الشيخ أبي المعالي بن اللبان في سنة ثمان وستين، وحج في هذه السنة فقرأ بمضمن الكافي والتيسير على الشيخ
أبي عبد الله محمد بن صالح الخطيب والإمام بالمدينة الشريفة ثم رحل إلى الديار المصرية في سنة تسع فجمع
القراءات للاثني عشر بمضمن كتب على الشيخ أبي بكر عبد الله بن الجندي وللسبعة بمضمن العنوان والتيسير والشاطبية على
العلامة أبي عبد الله محمد بن الصائغ والشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن البغدادي، فتوفي ابن الجندي وهو
قد وصل إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} في النحل فاستجازه فأجازه وأشهد عليه، ثم توفي فأكمل على الشيخين المذكورين.
ثم رجع إلى دمشق ورحل رحلة ثانية، فجمع ثانيا على ابن الصائغ للعشرة بمضمن الكتب الثلاثة المذكورة وبمضمن المستنير
والتذكرة والإرشادين والتجريد، وعلى ابن
البغدادي للأئمة الثلاثة
عشر وهم العشرة المشهورة وابن محيصن والأعمش والحسن البصري بمضمن الكتب التي تلا
بها المذكور على شيخه الصائغ وغيره، وسمع الحديث ممن بقي من أصحاب الدمياطي والأبرقوهي،
وأخذ الفقه عن الشيخ عبد الرحيم الإسنوي وغيره وسمع الحديث من غيرهم ثم عاد إلى دمشق فجمع القراءات السبع في ختمة على القاضي أبي يوسف أحمد بن الحسين الكفري الحنفي. ثم رحل إلى الديار المصرية وقرأ بها الأصول
والمعاني والبيان على الشيخ ضياء الدين سعد
الله القزويني وأخذ عن غيره،
ورحل إلى الإسكندرية فسمع من أصحاب ابن عبد
السلام وابن نصر وغيرهم
وقرأ بمضمن الإعلان وغيره على الشيخ عبد الوهاب
القروي، وسمع من هؤلاء
الشيوخ وغيرهم كثيرًا من كتب القراءات بالسماع والإجازة، وقرأ على غير هؤلاء
القراءات ولم يكمل، وأجازه وأذن له بالإفتاء شيخ الإسلام أبو الفداء إسماعيل بن كثير سنة أربع وسبعين، وكذلك أذن له الشيخ ضياء الدين
سنة ثمان وسبعين وكذلك شيخ الإسلام البلقيني سنة
خمس وثمانين، وجلس للإقراء تحت النسر من الجامع الأموي
سنين، وولي مشيخة الإقراء الكبرى بتربة أم الصالح بعد وفاة أبي محمد عبد الوهاب بن السلار،.
وقرأ عليه القراءات جماعة كثيرون، فممن كمل عليه القراءات العشر بالشام ومصر
ابنه أبو بكر أحمد والشيخ محمود بن الحسين بن سليمان الشيرازي والشيخ أبو بكر بن مصبح الحموي والشيخ نجيب الدين عبد الله بن قطب بن الحسن
البيهقي والشيخ أحمد بن محمود بن أحمد الحجازي الضرير والمحب محمد
بن أحمد بن الهايم والشيخ
الخطيب مؤمن بن علي بن محمد الرومي والشيخ يوسف بن أحمد بن يوسف الحبشي والشيخ علي بن إبراهيم بن أحمد الصالحي والشيخ علي بن حسين بن علي اليزدي والشيخ موسى بن "..." الكردي
والشيخ علي بن محمد بن علي بن نفيس وأحمد بن علي
بن إبراهيم الرماني.
وولي قضاء الشام سنة
ثلاث وتسعين وسبعمائة، ثم دخل الروم لما ناله من الظلم من أخذ ماله بالديار
المصرية سنة ثمان وتسعين وسبعمائة فنزل بمدينة
برصة دار الملك العادل المجاهد بايزيد بن عثمان فأكمل
عليه القراءات العشر بها الشيخ عوض بن "..."
والشيخ سليمان بن "..." والشيخ أحمد ابن الشيخ رجب والولد الفاضل علي باشا والإمام صفر شاه والولدان
الصالحان محمد ومحمود ابنا الشيخ الصالح الزاهد فخر الدين إلياس بن عبد الله والشيخ أبو سعيد بن بشلمش بن منتشا شيخ مدينة العلايا.
وممن قرأ عليه جمعا للعشرة ولم يكمل ولده أبو الفتح محمد
وأبو القاسم علي بن محمد بن حمزة الحسيني والشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن ميمون البلوي الأندلسي وصل إلى آخر الأحزاب، والشيخ صدقة بن حسين بن سلامة الضرير وصل إلى آخر التوبة، والشيخ أحمد بن حسين السيواسي وصل إلى آخر سبأ، والخطيب يعقوب بن عبد الله
الخطيب بمدينة العلايا
إلى آخر آل عمران، والشيخ أمين الدين محمد بن
"..."
التبريزي شيخ مدينة لارندة، والشيخ عبد المحسن بن "..." التبريزي شيخ
تبريز، والشيخ عبد الحميد بن أحمد بن محمد التبريزي، والشيخ علي بن قنان الرسعتي والشيخ أحمد البرمي الضرير والشيخ موسى بن أحمد بن إسحاق الشهبي والشيخ علي بن "..." المهتار وحافظ الدين
"...".
ثم كانت الفتنة التمرية بالروم في أول سنة خمس
وثمانمائة فأخذه أمير تمر من الروم وحمله إلى بلاد ما وراء النهر فأنزله بمدينة
كش، فقرأ عليه بها وبسمرقند جماعة منهم عبد القادر
بن طلة الرومي والحافظ بايزيد بن "..." الكشي والحافظ المقرئ محمود بن "..." شيخ القراءات بها وجماعة لم يكملوا.
ولما توفي أمير تمر في شعبان سنة سبع
وثمانمائة، خرج من تلك البلاد فوصل إلى بلاد خراسان ودخل مدينة هراة،
فقرأ عليه للعشرة جماعة أكمل منهم الإمام العالم جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد الشهير بابن افتخار
الهروي ثم وصل راجعا إلى مدينة يزد، فقرأ عليه للعشرة جماعة منهم المقرئ الفاضل شمس الدين محمد بن الدباغ البغدادي وجماعة لم يكملوا.
ثم دخل أصبهان فقرأ عليه بها
جماعة أيضا ولم يكملوا ثم وصل إلى شيراز في رمضان سنة
ثمان وثمانمائة فأمسكه بها سلطانها بير محمد ابن صاحبها أمير عمر شيخ
ابن أمير تمر فقرأ عليه بها جماعة كثيرون للعشرة في جمع، منهم السيد محمد بن حيدر المسبحي وإمام الدين
عبد الرحيم بن "..." الأصبهاني ونجم الدين
الخلال وأبو بكر بن "..." الجنحي، ثم ألزمه صاحبها بير محمد بالقضاء
بها وبممالكها وما أضيف إليها كرها فبقي فيها مدة وتغيرت عليه الملوك ومن أخذها لا
يمكنه من الخروج منها، حتى فتح الله تعالى عليه فخرج منها متوجها إلى البصرة وكان قد رحل إليه
المقرئ الفاضل المبرز أبو الحسن طاهر بن
عزيز الأصبهاني فجمع عليه
ختمة بالعشر بمضمن الطيبة والنشر ثم شرع في ختمة لقتيبة ونصير عن الكسائي وفارقه
بالبصرة وتوجه معه المولى معين الدين بن عبد
الله ابن قاضي كازرون فوصلا إلى قرية عنيزة من نجد وتوجها منها
فأخذهم الأعراب من بني لام بعد مرحلتين فرجعا إلى عنيزة فنظم بها الدرة في قراءات
الثلاثة حسبما تضمنه تحبير التيسير وعرض المولى معين الدين ختمة
بقراءة أبي جعفر ختمها بالمدينة ثم ختمة لابن كثير ختمها بمكة وكان يقرأ عليه في
أثناء الطريق قراءة عاصم فأتمها وحفظ أكثر الطيبة.
وفتح الله تعالى بالمجاورة بالمدينة وبمكة في سنة ثلاث
وعشرين بعد أخذ الأعراب له ورجوعه إلى عنيزة وفي إقامته بالمدينة، قرأ عليه شيخ
الحرم الطواشي وألف في القراءات كتاب نشر القراءات العشر في
مجلدين ومختصره التقريب وتحبير التيسير في القراءات العشر وهذا الكتاب وهو تاريخ
القراء وطبقاتهم مختصرًا من أصله ولما أخذه أمير تمر إلى ما وراء النهر ألف شرح
المصابيح في ثلاثة أسفار وألف غير ذلك في التفسير والحديث والفقه والعربية، ونظم
كثيرا في العلوم ونظم غاية المهرة في الزيادة على العشرة قديما، ونظم طيبة النشر
في القراءات العشر والجوهرة في النحو والمقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه وغير
ذلك في فنون شتى. اهـ